فلما دخل عليه الصحابي الجليل عدي بن حاتم قام عن كرامة مجلسه له، يعني: إن كانْ جالساً على (وسادة مثلاً) يقوم عنها، ويعطيها لصاحبه ليجلس هو عليها.
وهكذا يحرص رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ على المساواة في المجلس؛ لذلك قال عدي بن حاتم لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: أشهد أنك لا تريد عُلُواً في الأرض، وأشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأسلم.
وعجيب ما نراه مثلاً في مساجدنا، وهي بيوت الله وأَوْلَى الأماكن بهذه المساواة، فتراهم إذا دخل أحد أصحاب النفوذ يفرشون له مُصلّى ليصلي عليها، مع أن المسجد مفروش، وعلى أعلى مستوى من النظافة، فلماذا هذا التمييز؟
ومع ذلك نجد منهم مَنْ يزيح هذه المصلَّى جانباً، ويصلي كما يصلي بقية الناس، وأظن أن الذي يقبل أنْ تُوضع له هذه المصلى أظنه يبتغي علواً في الأرض.
والحق سبحانه يريد للإنسان أن يعيش سوىَّ الحركة في أسوياء لتظل القلوب متآلفة، لا يداخلها ضغن، وإذا خلَتْ القلوب من الضِّغن وَسِع الناسَ جميعاً رغيفُ عيشٍ واحد.
ثم يقول سبحانه:{والعاقبة لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣] أي: العاقبة الخيِّرة، والعاقبة الحسنة في النعيم المقيم الدائم للمتقين.