لذلك يقول سبحانه هنا:{أَحَسِبَ الناس أَن يتركوا أَن يقولوا آمَنَّا ... }[العنكبوت: ٢] فالإيمان ليس قَوْلاً فحسب؛ لأن القول قد يكون صِدْقاً، وقد يكون كذباً، فلا بُدَّ بعد القول من الاختبار وتمحيص الإيمان {وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ}[العنكبوت: ٢] فإنْ صبر على الابتلاءات وعلى المحن فهو صادق الإيمان.
ويؤكد سبحانه هذا المعنى في آية أخرى:{وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ خَسِرَ الدنيا والأخرة ... }[الحج: ١١] .
وقد محَّص الله السابقين الأولين من المؤمنين بآيات وخوارق تخالف الناموس الكوني، فكان المؤمن يُصدِّق بها، ويؤمن بصِدْق الرسول الذي جاء بها، أما المتردد المتحيِّر فيُكذِّب بها، ويراها غير معقولة.
«ومن ذلك ما كان من الصِّدِّيق أبي بكر في حادثة الإسراء والمعراج، فلمَّا حدَّثوه بما قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال:» إنْ كان قال فقد صدق «في حين ارتد البعض وكذَّبوا، وكأن الحق - تبارك وتعالى - يريد من هذه الخوارق، التي يقف أمامها العقل - أنْ يُميِّز