وسبق أنْ قُلْنا: إن العلم هو إدراك قضية كونية تستطيع أن تدلل عليها، وهذا يشمل كل معلومة في الحياة. أي: العلم المادي التجريبي وآثار هذا العلم في الدنيا، أما العلم السامي الأعلى فأنْ تعلم المراد من الله لك، وهذا للآخرة.
واقرأ في ذلك مثلاً قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الجبال جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ وَمِنَ الناس والدوآب والأنعام مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء إِنَّ الله عَزِيزٌ غَفُورٌ}
[فاطر: ٢٧ - ٢٨] .
فذكر سبحانه علم النبات والجماد و {وَمِنَ الناس. .}[فاطر: ٢٨] أي: علم الإنسانيات {والدوآب ... }[فاطر: ٢٨] علم الحيوان، وهكذا جمع كل الأنواع والأجناس، ثم قال سبحانه:{إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء ... }[فاطر: ٢٨] مع أنه سبحانه لم يذكر هنا أيَّ حكم شرعي.
إذن: المراد هنا العلماء الذين يستنبطون قضية يقينية في الوجود، كهذه الاكتشافات التي تخدم حركة الحياة، وتدلُّ الناس على قدرة الله، وبديع صُنْعه تعالى، وتُذكِّرهم به سبحانه.
وتأمل في نفسك مثلاً وَضْع القصبة الهوائية بجوار البلعوم، وكيف أنك لو شرقت بنصف حبة أرز لا تستريح إلا بإخراجها،