العظمة، ولم يدعه أحد لنفسه؟ والدعْوى تثبت لصاحبها ما لم يَقُمْ لها معارض.
لذلك قلنا: إن الحق سبحانه قبل أن يقول لا إله إلا أنا، وقبل أن يطلبها منا شهد بها لنفسه تعالى:{شَهِدَ الله أَنَّهُ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ... }[آل عمران: ١٨] ؛ لأن هذه الشهادة هي التي ستجعله يقول للشيء: كُنْ فيكون، ولو لم يكُنْ يؤمن بأنه إله ما قالها.
والحق سبحانه يقول:{أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ الله الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ... }[العنكبوت: ١٩] كيف ونحن لم نَر الإعادة، فضلاً عن رؤيتنا للبدء؟
قالوا: نرى البدء والإعادة في مظاهر الوجود من حولنا، فنراها في الزرع مثلاً، وكيف أن الله تعالى يُحيي الأرض بالنبات، ثم يأتي وقت الحصاد فيحصد ويتناثر منه الحَبّ أو البذور التي تعيد الدورة من جديد.
والوردة تجد فيها رطوبة ونضارة وألواناً بديعة ورائحة زكية، فإذا قُطِفَتْ تبخَّر منها الماء، فجفَّتْ وتفتتت، وذهبت رائحتها في الجو، ثم تخلفها وردة أخرى جديدة، وهكذا.
انظر مثلاً إلى دورة الماء في الكون: هل زادتْ كمية الماء التي خلقها الله في الكون حين أعدَّه لحياة الإنسان منذ خلق آدم وحواء؟ الماء هو هو حتى الآن، مع ما حدث من زيادة في عدد السكان؛ لأن عناصر الكون هي هي منذ خلقها الله، لكن لها دورة تسير فيها بين بَدْء وإعادة.