إلى جبل صلب. وخرق نواميس الكون لإبراهيم حينما قال للنار:{قُلْنَا يانار كُونِي بَرْداً وسلاما على إِبْرَاهِيمَ}[الأنبياء: ٦٩] .
وخرق النواميس ليثبت الإعجاز، وليثبت أن يد الله تعالى لا تزال مسيطرة على مُلْكه سبحانه، لا أنه خلق النواميس وتركها تعمل في الكون دون تدخُّل منه سبحانه كما يقول الفلاسفة، فالحق سبحانه خلق النواميس لتفعل، ولكن قيوميته تعالى وقدرته تُعطِّل النواميس.
{فَأَنْجَاهُ الله مِنَ النار إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: ٢٤] ونذكر في قصة السفينة أن الله تعالى قال عنها: {وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ}[العنكبوت: ١٥] آية وهنا قال {لآيَاتٍ ... }[العنكبوت: ٢٤] وهناك قال {لِّلْعَالَمِينَ}[العنكبوت: ١٥] وهنا قال: {لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[العنكبوت: ٢٤] فالاختلاف إذن بين السياقين في أمرين:
قال في السفينة {آيَةً ... }[العنكبوت: ١٥] لأن العجيب في أمر السفينة ليس في صناعتها، فمَنَ رآها يمكن أنْ يصنع مثلها، إنما الآية فيها أن الله تعالى أعلمه بها قبل الحاجة إليها، ثم منع عنها الزوابع والأعاصير أن تلعب بها وتُغرق ركابها.
أمّا في مسألة الإحراق فعجائب كثيرة وآيات شتى، فكان من الممكن ألاَّ يمكنهم الله منه، وكان من الممكن بعد أن أمسكوا به وألقوه في النار أنْ يُنزل الله مطراً يطفيء نارهم وينجو إبراهيم، أو يسخر له من القوم أهل رأفة ورحمة ينقذونه من الإلقاء في النار.
لكن لم يحدث شيء من هذا، حيث أمكنهم الله منه حتى ألقوه في