للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرآن الكريم نجد أنها تدور حول الأمن والطمأنينة والراحة والهدوء، لكنها تختلف في المدلولات حسب اختلاف موقعها الإعرابي، فهنا {فَآمَنَ لَهُ ... } [العنكبوت: ٢٦] وهل يؤمن لوط لإبراهيم؟ والإيمان كما نقول يؤمن بالله فما دام السياق {فَآمَنَ لَهُ ... } [العنكبوت: ٢٦] فلا بُد أن المعنى مختلف، ولا يقصد هنا الإيمان بالله.

ومعنى (آمن) هنا كما في قوله تعالى عن قريش: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ} [قريش: ٤] فالفعل هنا مُتعدٍّ، فالذي آمن الله، آمن قريشاً من الخوف. وكذلك في قوله تعالى: {هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ ... } [يوسف: ٦٤] ومعنى {فَآمَنَ لَهُ ... } [العنكبوت: ٢٦] أي: صدقه.

ومنه قوله تعالى: {وَمَآ أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ} [يوسف: ١٧] أي: بمصدِّق، أما آمنت بالله: اعتقدت وجوده بصفات الكمال المطلق فيه سبحانه.

ولوط لا يصدق بإبراهيم، إلا إذا كان مؤمناً بإله أرسله، فكأنه آمن بالله ثم صدَّقه فيما جاء به وقصة لوط عليه السلام لها موضع آخر فُصِّلَت فيه، إنما جاء ذكره هنا؛ لأنه حصيلة الصفقة الجدلية والجهادية بين إبراهيم وقومه، فبعد أنْ دعاهم إلى الله ما آمن له إلا لوط ابن أخيه.

وأذكر أن الشيخ موسى - رَحِمَهُ اللَّهُ عليه - وكان يُدرس لنا التفسير، وجاءت قصة لوط عليه السلام فقلت له: لماذا ننسب رذيلة قوم لوط إليه فنقول: لوطي. وما جاء لوط إلا ليحارب هذه الرذيلة ويقضي عليها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>