تزرع للآخرة، وأن تعمل لها ألف حساب، فإنْ كان في العبادة مشقة، وللإيمان تَبعات، فانظروا إلى عِظَم الجزاء، وإذا استحضرتَ الثواب على الطاعة هانتْ عليك مشقة الطاعة، وإذا استفظعت العقاب على المعصية، زهدتَ فيها ونأيْتَ عنها.
إذن: الذي يجعل الإنسانَ يتمادى في المعصية أنه لا يستحضر العقاب عليها، ويزهد في الطاعة؛ لأنه لا يستحضر ثوابها.
لذلك يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» والمعنى: لو استحضر الإيمان ما فعل، إنما غفل عن إيمانه فوقع في المعصية.
ومَن استحضر ثواب الطاعة وجد لها حلاوة في نفسه، كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عن الصلاة:«أرحنا بها يا بلال» .
وقوله:{وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ}[العنكبوت: ٣٦] العثو: الفساد المستور والفساد يقال للظاهر، فالمعنى: لا تعثَوا في الأرض عثواً، فالمفعول المطلق بمعنى الفعل، فقوله تعالى:{وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ}[العنكبوت: ٣٦] كما نقول: اجلس قعوداً.
والفاء في قوله:{فَقَالَ ياقوم اعبدوا الله ... }[العنكبوت: ٣٦] تدل على أنها تعطف هذا الكلام على كلام سابق، والتقدير: وأرسلنا إلى مدين أخاهم شعيباً فقال: يا قوم إني رسول الله إليكم، ثم ذكر المطلوب منهم {ياقوم اعبدوا الله ... }[العنكبوت: ٣٦] والجمع بين