للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تصد الشمس أَنَّى واجهتها ... فتحجبها وتأذن للنسيم

إذن فحين وصف الحق القناطير بأنها مقنطرة فذلك يعني القناطير الدقيقة الميزان، وهي قناطير مقنطرة من ماذا؟ {مِنَ الذهب والفضة والخيل المسومة} . وكانت الخيل هي أداة العز وأمارة وعلامة على العظمة، ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول: «الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة»

قول الحق: {والخيل المسومة} نرى فيهِ أن اللفظ الواحد يشع في مجالات متعددة من المعاني، فمسوَّمة من سامها يَسوُمها، ومعنى ذلك أن لهذه الخيل مراعى تأكل منها كما تريد، وليست خيلاً مربوطة بأكل ما يُقدم لها فقط، ومسوّمة أيضاً تعنى أن لهذا الخيل علامات، فهذا حصان أغرّ، وذلك أدهم وذاك أشقر.

ومسوَّمة أيضا، أن تكون مروضة، ومدربة، وتم تعليمها، فالأصل في الخيل أنها لم تكن مُستأنسة بل مُتوحشة، ولذلك لا بد من ترويضها حتى ينتفع بها الإنسان. فكم معنى إذن أعطته لما كلمة «مُسَوَّمَةِ» ؟

سائمة، أي تأكل على قدر ما تشتهي لا على قدر ما نعطيها من طعام. ومُعلَّمة أي فيها علامات كالغّرة والتحجيل، وهذا جواد أدهم، وذلك جواد أشقر، أو أنها معلمة أي مروضة. فماذا تتطلب الحرب؟ .

إن الحرب تتطلب الانقطاع عن الأهل، فيجب ألا تكون شهوة النفس حاجزاً، سواء كانت شهوة للنساء، أو كانت شهوة العزوة للبنين ورعايتهم، أو كانت شهوة المال؛ فالمؤمن ينفقه في سبيل الله، والخيل أيضاً يستخدمها الإنسان في القتال لإعلاء كلمة الله.

ونلحظ أن هذه الآية - التي تعدّد أنواع الزينة - جاءت بعد الآية التي تتحدث عن الجهاد في سبيل الله والتي يقول الحق تبارك وتعالى فيها:

<<  <  ج: ص:  >  >>