للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد أخذ الشاعر هذا المعنى وعبَّر عنه قائلاً مستخدماً المثل:

وإذَا أرادَ الله نَشْر فَضِيلةٍ طُويَتْ ... أَتاحَ لَها لِسَانَ حَسُود

لَوْلا اشْتِعالُ النارِ فيما جاورَتْ ... مَا كان يعرف طِيب عَرْفِ العٌودِ

والعود نوع من البخور، طيب الرائحة، لا تنتشر رائحته إلا حين يُحرَق.

ومن مشتقاتها أيضاً (مَثُلَة) كما في قوله تعالى: {وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات ... } [الرعد: ٦] وهي العقوبات التي حاقتْ بالأمم المكذِّبة، حتى جعلتها عبرةً لغيرها.

فإذا اشتهر المثَل انتشر على الألسنة، وضربه الناس مثلاً كما اشتهر حاتم الطائي بالكرم والجود حتى صار مضرب المثل فيه، وقد تشتهر بيننا عبارة موجزة، فتصير مثلاً يضرب في مناسبها كما نقول للتلميذ الذي يهمل طوال العام، ثم يجتهد ليلة الامتحان (قبل الرماء تملأ الكنائن) مع الاحتفاظ بنص المثل في كل مناسبة، وإن لم يكُنْ هناك رمي ولا كنائن.

كما أن المثل يقال كما هو دون تغيير، سواء أكان للمفرد، أم المثنى، أم الجمع المذكر، أو للمؤنث. كذلك نقول (ماذا وراءك يا عصامِ) بالكسر؛ لأنها قيلت في أصل المثَل لامرأة.

يقول الحق سبحانه: {مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ العنكبوت اتخذت بَيْتاً ... } [العنكبوت: ٤١] .

فهذا مثل في قمة العقيدة، ضربه الله لنا للتوضيح وللبيان، ولتقريب المسائل إلى عقولنا، وإياك أن تقول للمثل الذي ضربه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>