كذلك الراديو أول ما ظهر كان في حجم (النورج) ، والآن أصبح صغيراً في حجم الجيب.
ومن مخلوقات الله ما دق؛ لدرجة أنك لا تستطيع إدراكه بحواسك، والعجيب أن يطلب الإنسان أنْ يرى الله جهرة، وهو لا يستطيع أنْ يرى آثار خَلْقه وصَنْعته. فأنت لا ترى الجن، ولا ترى الميكروب والجراثيم، ولا ترى حتى روحك التي بين جنبيك والتي بها حياتُك، لا يرى هذه الأشياء ولا يدركها بوسائل الإدراك الأخرى، فمن عظمته تعالى أنه يدرك الأبصار، ولا تدركه الأبصار.
نعود إلى المثَل الذي ضربه الله لنا:{مَثَلُ الذين اتخذوا مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ ... }[العنكبوت: ٤١] أي: شركاء وشفعاء {كَمَثَلِ العنكبوت ... }[العنكبوت: ٤١] هذا المخلوق الضعيف الذي ينسج خيوطه بهذه الدقة التي نراها، والذي نسج خيوطه على الغار في هجرة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، واشترك مع الحمامة في التعمية على الكفار.
{اتخذت بَيْتاً ... }[العنكبوت: ٤١] أي: من هذه الخيوط الواهية {وَإِنَّ أَوْهَنَ البيوت لَبَيْتُ العنكبوت ... }[العنكبوت: ٤١] فخطأ العنكبوت ليس في اتخاذ البيت، إنما في اتخاذ هذه الخيوط الواهية بيتاً له وهبّة ريح كافية للإطاحة بها، ويشترط في البيت أن يكون حصيناً يحمي صاحبه، وأن تكون له أبواب ونوافذ وحوائط. . إلخ. أما لو اتخذها شبكة لصيد فرائسه لكان أنسب، وكذلك الكفار اتخذوا من الأصنام آلهة، ولو اتخذوها دلالة على قدرة الحق في الخَلْق لكان أنسب وأَجدْى.
وكما أن بيت العنكبوت تهدمه هَبَّة ريح وتُقطعه وأنت مثلاً تنظف بيتك، وربما تقتل العنكبوت نفسه، فكذلك طبْق الأصل يفعل الله بأعمال الكافرين:{وَقَدِمْنَآ إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً}[الفرقان: ٢٣] .