بالحق، والحق: الشيء الثابت الذي لا يتغير مع الحكمة المترتبة على كل شيء في الوجود، فإذا نظرنا إلى خَلْق السماوات والأرض لوجدناه ثابتاً لم يتغير شيء فيه.
لذلك يقول سبحانه:{لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس. .}[غافر: ٥٧] .
فالسماوات والأرض خَلْق هائل عظيم، بحيث لو قارنته بخَلْق الإنسان لكان خَلْق الإنسان أهون. وانظر مثلاً في عمر السماوات والأرض وفي عمر الإنسان: أطول أعمار البشر التي نعلمها حتى الآن عمر نوح عليه السلام، وبعد هذا العمر الذي نراه طويلاً انتهى إلى الموت، فعمر الإنسان معلوم يكون سنة واحدة، أو ألف سنة لكن لا بُدَّ أن يموت.
أما السماوات والأرض وما فيها من مخلوقات إنما خُلقت لخدمة الإنسان، فالخادم عمره أطول من المخدوم، فالشمس مثلاً خلقها الله تعالى من ملايين السنين، ومازالت كما هي لم تتغير، ولم تتخلف عن مهمتها، وكذلك القمر:{الشمس والقمر بِحُسْبَانٍ}[الرحمن: ٥] .
أي: بحساب دقيق؛ لذلك يقولون: سيحدث كسوف مثلاً أو خسوف يوم كذا الساعة كذا، وفي نفس الوقت يحدث فعلاً كسوف للشمس أو خسوف للقمر مما يدلّ على أنهما خُلِقا بحساب بديع دقيق، ويكفي أننا نضبط على الشمس مثلاً ساعاتنا، ومع ما عُرِف عن الشمس والقمر، من كِبَر حجمهما، فإنهما يسيران في مسارات وأفلاك دون صدام، كما قال تعالى:{كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}[الأنبياء: ٣٣] .
هذا كله من معنى خَلْق السماوات والأرض بالحق. أي: بنظام