إذن: فمعجزات السابقين تأتي كلقطة واحدة أشبه ما تكون بعود الكبريت الذي يشتعل مرة واحدة، رآها مَنْ رآها وتنتهي المسألة، ولكن القرآن حدثنا بكل معجزات الرسل السابقين فانظر إذن ما أصاب الرسل جميعاً من خيرات سيدنا رسول الله، وكيف خَلَّد القرآن ذكرهم، وامتدت معجزاتهم بامتداد معجزته.
فكأن القرآن أسدى الجميل إلى كل الرسل، وإلى كل المعجزات؛ لذلك قال تعالى عن القرآن:{وَأَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ... }[المائدة: ٤٨] .
ثم يقول سبحانه:{وَأَقِمِ الصلاة ... }[العنكبوت: ٤٥] وملعوم أن اتْلُ: التلاوة قَوْل من فعل اللسان و {وَأَقِمِ ... }[العنكبوت: ٤٥] من فعل الجوارح، والإنسان له جوارح متعددة اشتهر منها خمس هي: العين للإبصار، والأذن للسمع، والأنف للشم، واللسان للتذوق، والأنامل للَّمس.
فقالوا على سبيل الاحتياط: الجوارح الخمسة الظاهرة وقد ظهر فعلاً مع تقدُّم العلوم اكتشفوا في الإنسان حواسَّ أخرى ووسائلَ إدراك لم تُعرف من قبل، كحاسة العضل التي تزن بها ثقل الأشياء، وإلا فبأيِّ حاسة من حواسِّك الخمسة تعرف الثقل قبل أن ترفع الشيء من على الأرض؟
وكحاسة البَيْن، والتي بها تستطيع أنْ تُميِّز بين سُمْك الأشياء