للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالأصل أن يأكل الإنسان ليعيش، لا أن يعيش ليأكل. وبعض السطحيين يقولون: ما معنى «ثلث لنفَسه» ، وهل النفَس في المعدة؟ والآن، ومع تطور العلوم عرفنا أن تُخمة البطن تضغط على الحجاب الحاجز وتضيق مجال الرئة فينتج عن ذلك ضيق في التنفس.

أما الناحية النفسية، فالمرض النفسي ناتج إما عن انقباض الجوارح عن طبيعة تكوينها، أو انبساطها عن طبيعة تكوينها، كالبيضة مثلاً لها حجم معين فإنْ ضيَّقْتَ هذا الحجم أو بسطته تنكسر.

وهذا أيضاً أساس الداء في النفس البشرية؛ لأن ملكات النفس ينبغي أنْ تظل في حالة توازن واستواء، وتجد هذا التوازن في منهج ربك - عَزَّ وَجَلَّ - حيث يقول سبحانه: {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ على مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ ... } [الحديد: ٢٣] .

فمعنى: {لِّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ على مَا فَاتَكُمْ ... } [الحديد: ٢٣] الانقباض {وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ ... } [الحديد: ٢٣] الانبساط. وكلاهما مذموم منهيٌّ عنه، لكن مَن ذا الذي لا يأسى على ما فات، ولا يفرح بما هو آتٍ؟

لذلك نجد البُلَداء الذين لا تَهزهم الأحداث بصحة قوية؛ لأنهم لا يهتمون للخطوب، حتى أن الشعراء لم يَفُتْهم هذا المعنى، حيث يقول أحدهم:

وَفِي البَلادةِ مَا في العَزْمِ منْ جَلَد ... إنَّ البليد قويُّ النفْسِ عَاتيها

فَاسْأل أُوِلي العَزْم إنْ خارتْ عزائمهمْ ... عَنِ البَلادةِ هَلْ مَادتْ رَوَاسِيهَا؟

فالذي تظنه بلادة هو عزم قويٌّ في استقبال الأحداث والصمود لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>