إخوان لكم آمنوا، ويكتمون إيمانهم، فإنْ دخلتم عليهم مكة فسوف تقتلونهم دون علم بإيمانهم.
وكان عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - كعادته شديداً في الحق، فقال: يا رسول الله، ألسنا على الحق؟ قال: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:» بلى «قال: أليسوا على الباطل؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ» بلى «قال: فَلِمَ نعطي الدنية في ديننا؟ فقال أبو بكر: الزم غَرْزك يا عمر» . يعني قِف عند حدِّك وحجِّم نفسك، ثم قال بعدها ليبرر هذه المعاهدة: ما كان فتح في الإسلام أعظمَ من فتح الحديبية - لا فتح مكة.
لماذا؟ لأن الحديبية انتزعت من الكفار الاعترافَ بمحمد، وقد كانوا معارضين له غير معترفين بدعوته، والآن يكاتبونه معاهدة ويتفقون معه على رأي، ثم إنها أعطت رسول الله فرصة للتفرغ لأمرالدعوة ونشرها في ربوع الجزيرة العربية، لكن في وقتها لم يتسع ظنُّ الناس لما بين محمد وربه، والعباد عادةً ما يعجلون، والله - عَزَّ وَجَلَّ - لا يعجل بعجلة العباد حتى تبلغ الأمور ما أراد سبحانه.
ثم يقول تعالى:{وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}[العنبكوت: ٥٣] يعني: فجأة، وليس حسب رغبتهم {وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ}[العنكبوت: ٥٣] لا يشعرون ساعتها أم لا يشعرون الآن أنها حق، وأنها واقعة لأجل مسمى؟
المراد لا يشعرون الآن أنها آتية، وأن لها أجلاً مُسمى، وسوف تباغتهم بأهوالها، فكان عليهم أن يعلموا هذه من الآن، وأن يؤمنوا