الخطاب وهم في الأرض وفي سعتها، ليلفت أنظارهم أنهم سيضطهدون ويُعذَّبون، وسيقع عليهم إيذاء وإيلام، فيقول لهم: إياكم أن تَصِرْفكم هذه القسوة، إياكم أنْ تتراجعوا عن دعوتكم، فإذا لم يناسبكم هذا المكان فاذهبوا إلى مكان آخر فأرضي واسعة فلا تُضيِّقوها على أنفسكم.
لذلك يقول سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«الأرض لله، والعباد كلهم لله، فإنْ أبصرتَ خيراً فاقِمْ حيث يكون» .
فالذي نعاني منه الآن هو هذه الحدود وهذه القيود التي وضعناها في جغرافية أرض الله، فضيَّقنا على أنفسنا ما وسَّعه الله لنا، فأرْضُ الله الواسعة ليست فيها تأشيرات دخول ولا جوازات سفر ولا (بلاك لست) .
لذلك قلنا مرة في الأمم المتحدة: إنكم إنْ سعيتُم لتطبيق مبدأ واحد من مبادئ القرآن فلن يوجد شر في الأرض، ألا وهو قوله تعالى:{والأرض وَضَعَهَا لِلأَنَامِ}[الرحمن: ١٠] .
والمعنى: الأرض كل الأرض للأنام كل الأنام، فإن ضاق رزقك في مكان فاطلبه في مكان آخر، وإلا فالذي يُتعِب الناس الآن أن توجد أرض بلا رجال، أو رجال بلا أرض، وها هي السودان مثلاً بجوارنا، فيها أجود الأراضي لا تجد مَنْ يزرعها، لماذا؟ للقيود التي وضعناها وضيَّقنا بها على أنفسنا.