للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سكنها، وفي {وَلِيَتَمَتَّعُواْ ... } [العنكبوت: ٦٦] وقوله سبحانه: {فَسَوْفَ يَعلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٦] فرْق في الاستقبال بين السين وسوف، فلو قال: فسيعلمون لَدلَّتْ على التهديد في المستقبل القريب، وأنه سيحل بهم العذاب في الدنيا، أمّا «سوف» فتدلّ على المستقبل البعيد، فتشمل التهديد في الدنيا وفي الآخرة فهي تستغرق الزمن كله؛ لأن المسلمين في باديء الأمر كانوا مستضعفين، لا يستطيعون حماية أنفسهم، وذهبوا إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يطلبون منه أن يستنصر الله لهم فلو قال حينئذ في تهديد الكفار «فسيعلمون» لم تكن مناسبة، إنما أعطى الأمد الأوسع للتهديد، فقال: {فَسَوْفَ يَعلَمُونَ} [العنكبوت: ٦٦] .

لذلك تجد الدقة في أخْذ العهد من الأنصار للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ومن الرسول للأنصار، فلما قابلوا رسول الله قالوا: خُذْ لنفسك. قال: تحمونني مما تحمون منه أنفسكم وأعراضكم وأموالكم.

فقالوا: فما لنا إنْ فعلنا؟ كان من الممكن أن يقول لهم: ستملكون الأرض أو ستنشر دعوة الله بكم وتنتصرون على عدوكم، لكن هذه الوعود قد يراها بعضهم، ويموت بعضهم قبل أنْ تتحقق، فلا يرى منها شيئاً؛ لذلك ذكر لهم جزاءً يستوي فيه الجميع مَنْ يعيش منهم، ومَنْ يموت، فقال: «لكم الجنة» .

وأيضاً حين يصرفهم عن دنيا الناس إلى أمر يكون في الدنيا أيضاً،

<<  <  ج: ص:  >  >>