للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جنيه، فلما فعلتَ بدَّد هذا المبلغ ولم ينتفع به، أتجرؤ على منحه مبلغاً آخر؟ وإنما لو ثمَّر هذا المبلغ ونماه لأعطيته أضعافاً.

ثم يقول سبحانه: {وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين} [العنكبوت: ٦٩] الإحسان من الإنسان أن يعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإنه يراه، والإحسان في الأداء أن تزيد عما فرض الله عليك، لكن من جنس من فرض، فإذا أنت أحسنتَ أحسن الله إليك بأنْ يزيدك إشراقاً، ويزيدك نورانية، ويُخفِّف عنك أعباء الطاعة، ويُقبِّح في نفسك المعاصي.

لذلك بلغت محبة أحد العارفين للطاعة حتى قال: اللهم إني أخاف ألاّ تثيبني على طاعتي؛ لأنني أصبحتُ أشتهيها. يعني: لو لم تكن هناك جنة ولا نار لفعلتُ الطاعة؛ لأنها أصبحتْ بالنسبة لي شهوة نفس، وقد أمرتنا يا ربّ أن نخالف شهوة النفس لذلك أخاف ألاَّ تثيبني عليها، ولمثل هذا نقول.

{وَإِنَّ الله لَمَعَ المحسنين} [العنكبوت: ٦٩] .

كملة (مع) تفيد المعية، والمعية في أعراف البشر أنْ يلتقي شيء بشيء، لكن إذا كانت المعية مع الله فافهم أنها معية أخرى غير التي تعرفها مع زميلك أو صديقك، خُذْها في إطار {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فلك وجود ولله وجود، لكن أوجودك كوجود الله؟ الله يعلم أننا نسجل الآن في مسجد أبي بكر الصديق، لكن هل علْمنا كعِلْمه تعالى؟ الله يعلم هذا قبل أن ينشأ المسجد، وقبل أنْ نُولد نحن.

لذلك يضرب الله لنا مثلاً فيقول: {وفي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١] هذا مَثَل للرد على الذين يطلبون رؤية الله عَزَّ وَجَلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>