للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بينك وبين ما أردتَ قلت: شِئْت، ولكن الله تعالى لم يشَأ.

والله تعالى لا يُخِلف وعده؛ لأنه سبحانه يعلم الأشياء على وَفْق ما تكون، ولا توجد قوة تُحوِّله عن مراده، وليس له شريك يراجعه، أو يُخرِجه عن مراده.

وإنْ شئت فاقرأ: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَآ أغنى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سيصلى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ وامرأته حَمَّالَةَ الحطب فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} [المسد: ١ - ٥] .

ألم يكُنْ من الممكن وقتها أنْ يُسلِم أبو لهب كما أسلم حمزة وعمر وخالد وعكرمة وغيرهم؟ أليست له حرية الاختيار كهؤلاء؟ بل ألم يسمع هذه السورة؟ ومع هذا كله كفر وأصرَّ على كفره، ولم ينطق بكلمة الإيمان، ولو حتى للكيد لرسول الله فيقول في نادي قريش ولو نفاقاً: قال محمد كذا وأنا أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله. أليس هذا دليلاً على غبائه؟

إذن: ما دام أن القرآن أخبر فلا بُدَّ أن يتم الأمر على وَفْق ما أخبر به.

ونلحظ هنا أن كلمة الوعد تعني البشارة بالخير القادم في المستقبل والكلام هنا عن فريقين: فريق منتصر يفرح بالنصر، وفريق منهزم يحزن للهزيمة، فكيف يستقيم الوعد في حَقِّه؟ فالفرح للمؤمن غَمٍّ لغير المؤمن.

ولتوضيح هذه المسألة نذكر أن المستشرقين وقفوا عند قوله تعالى من سورة الرحمن: {خَلَقَ الإنسان مِن صَلْصَالٍ كالفخار وَخَلَقَ الجآن مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ فَبِأَيِّ آلاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٤ - ١٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>