للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونلحظ في الأداء القرآني في هذه الآيات الدقة في استخدام لام التوكيد في {لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً ... } [الواقعة: ٦٥] في الحديث عن الزرع؛ لأن للإنسان دوراً فيه، حيث يحرث ويغرس ويسقي، وربما ظَنَّ لنفسه قدرة عليه.

لكن لما تحدَّث عن الماء ذكر في نقضه {لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ... } [الواقعة: ٧٠] بدون توكيد، لماذا؟ لأن الماء لا دخلَ لأحد فيه، ولا يدعيه أحد، فلا أنت بخرتَ الماء، ولا أنت أنزلتَ المطر، لذلك قال: {جَعَلْنَاهُ ... } [الواقعة: ٧٠] بدون توكيد.

أما عند ذكْر النار كنعمة من نِعَم الله لم يذكر ما ينقضها، فقال: {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون} [الواقعة: ٧٢] ولم يقُلْ مثلاً: لو نشاء لأطفأناها، تُرى لماذا؟ قالوا: لتظل النارُ ماثلة أمامنا على حال اشتعالها لا تخمد أبداً، وكأن الحق - سبحانه وتعالى - يُلوِّح بها لكل عَاصٍ علَّه يعود إلى الجادّة.

ثم يقول سبحانه: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: ١٩] كذلك: إشارة إلى ما سبق ذِكْره من إحياء الأرض بعد موتها، كمثْل ذلك تُخرجون وتُبعثون، فمَنْ أنكر البعث فلينظر عملية إحياء الأرض الجامدة بالنبات بعد نزول المطر عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>