رجالاً كثيراً ونساء، فالعالم اليوم الذي يُعَدُّ بالمليارات حين تعود به إلى الماضي لا بُدَّ أنْ تعود إلى اثنين هما آدم وحواء، فلما التقيا نشأ منهما النسل، لكن هل نشأ النسل من أبعاض ميتة خرجتْ من آدم، أم من أبعاض حيّة هي الحيوانات المنوية؟
لو أن الحيوان المنويَّ كان ميتاً لما حدث الإنجاب. إذن: جاء أولاد آدم من ميكروب أبيهم آدم، وانتشروا في الأرض وأنجبوا، وكل منهم يحمل ذرة من أبيه الأول آدم عليه السلام. وبالتالي فكُلٌّ مِنّا فيه ذرة حية من عهد آدم، وحتى الآن لم يطرأ عليها فناء أبداً، وهذا هو عَالَم الذَّرِّ الذي شهد خَلْق الله لآدم، إنها أبعاضنا التي شهدتْ هذا العهد الأول بين الخَلْق والخالق سبحانه:{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بنيءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ على أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى شَهِدْنَآ أَن تَقُولُواْ يَوْمَ القيامة إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غَافِلِينَ}[الأعراف: ١٧٢] .
إذن: في كل مِنّا الآن وحتى قيام الساعة ذرةٌ حيَّة من أبيه آدم، هذه الذرة الحية هي التي شهدتْ هذا العهد، وهي التي تمثل الفطرة الإيمانية في كل نفس بشرية، لكن هذه الفطرة قد تُطمس أو تُغلَّف بالغفلة والمعاصي ... إلخ.
والحق - سبحانه وتعالى - أخبرنا أنه يخلق الأشياء ويُوجِدها بكُنْ {إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ}[يس: ٨٢] إلا الإنسان، فقد بلغ من تكريمه أنْ سوَّاه ربه بيده، وجعله خليفة له في الأرض، وتجلَّى عليه بصفات من صِفاته، فأعطاه من قدرته قدرةً، ومن عِلْمه عِلْماً، ومن حكمته حكمة، ومن غِنَاه غِنىً.