مسنون، فإنْ جَفَّ فهو صلصال كالفخار، إذن: هذه هي العناصر التي وردت ومراحل خَلْقِ الإنسان، وكلها مُسمَّيات للتراب، وحالات طرأتْ عليه.
فإنْ جاء مَنْ يقول في مسألة الخَلْق بغير هذا فلا نُصدّقه؛ لأن الذي خلق الإنسان أخبرنا كيف خلقه، أما هؤلاء فلم يشهدوا من خَلْق الإنسان شيئاً، وهم في نظر الدين مُضللون، يجب الحذر من أفكارهم؛ لأن الله تعالى يقول في شأنهم:
والله لو لم يَخُضْ العلماء في مسألة الخلق خلق الإنسان وخلق الشمس والقمر والأرض ... الخ. لو لم نسمع بنظرية داروين أكانت تصدُق هذه الآية؟ وإلا لقالوا: أين المضللون الذين تكلَّم القرآن عنهم؟ فهم إذن قالوا وطلعوا علينا بنظرياتهم، يريدون أنْ يُكذِّبوا دين الله، وأنْ يُشكِّكوا فيه، وإذا بهم يقومون جميعاً دليلاً على صِدْقه من حيث لا يشعرون.
وعلى شاكلة هؤلاء الذين نسمعهم الآن ينكرون أحاديث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ويُشككون في صحتها، هذه في الحقيقة ظاهرة طبيعية جاءت لتثبت صدق رسول الله؛ لأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يغفل هذه المسألة، إنما أخبر عنها ونبهنا إليها، وأعطانا المناعة اللازمة - الثلاثي الذي نسمع عنه من رجال الصحة.
يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«يوشك رجل من أمتي يتكيء على أريكته يُحدَّث بالحديث عني فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، فما وجدنا فيه من حلال حللناه، وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، أَلاَ وإنَّ ما حرم رسول الله مثل ما حرم الله» .