وعجيب أن نسمع من يقول - من الرجال - ينبغي للمرأة أن تحتل مكان الرجل، وأنْ تؤدي ما يؤديه، ونقول: لا نستطيع أن تُحمِّل المرأة مهمة الرجل إلا إذا حمَّلْتَ الرجل مهمة المرأة، فيحمل كما تحمل، ويلد كما تلد، ويُرضِع كما تُرضِع، فدعونا من شعارات (البلطجية) الذين يهرفون بما لا يعرفون.
ومثل هذا قوله تعالى:{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ ... }[التوبة: ١٢٨] أي: من جنسكم وبشريتكم، فهو نفس لها كل طاقات البشر، ليكون لكم أسوة، ولو جاء الرسول مَلَكاً لما تحققتْ فيه الأسوة، ولَقُلْتم هذا ملَك، ونحن لا نقدر على ما يقدر هو عليه. أو {مِّنْ أَنفُسِكُمْ ... }[التوبة: ١٢٨] يعني: من العرب ومن قريش.
والبعض يرى أن {مِّنْ أَنفُسِكُمْ ... }[التوبة: ١٢٨] يعني: خَلْق حواء من ضلع آدم، فهي من أنفسنا يعني: قطعة منا، لكن الكلام هنا
{مِّنْ أَنفُسِكُمْ ... }[التوبة: ١٢٨] مخاطب به الذكر والأنثى معاً، كما أن الأزواج تُطلق عليهما أيضاً، على الرجل وعلى المرأة، والبعض يفهم أن الزوج يعني اثنين، لكن الزوج مفرد معه مثله؛ لذلك يقول تعالى:{وَمِن كُلِّ الثمرات جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثنين ... }[الرعد: ٣] .
وفي الماضي كنا نعتقد أن نوع الجنين إنما يتحدد من ماء الرجل وماء المرأة، لكن القرآن يقول غير ذلك:{أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يمنى}[القيامة: ٣٧] فماء المرأة لا دخلَ له في نوع الجنين، ذكراً كان أم أنثى، الذكورة والأنوثة يحددها ماء الرجل.