تلك نسبة كلامية صدرت منهم، فهل هي مطابقة للواقع أم هي مخالفة له؟ إنها مطابقة للواقع. ويؤكد الحق ذلك بقوله:{والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ}[المنافقون: ١] .
بعد ذلك يقول الحق سبحانة:{والله يَشْهَدُ إِنَّ المنافقين لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: ١] .
فقيم كذب المنافقون؟ هل كذبوا في قولهم:{إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} ؟ لا. إن الحق لم يكذبهم في قولهم:{إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} ؛ لأن الله قد أيد هذه الحقيقة بقوله {والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} .
ولكن كذبهم الله فيما سها عنه المستشرق الناقد عندما قالوا:{نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} . لقد كذبهم الله في شهادتهم، لا في المشهود به، وهو أن محمدا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رسول من الله، إن الله يعلم أن محمدا رسوله المبعوث منه رحمة للعالمين، لكن الكذب كان في شهادتهم هم.
إن كلام المنافقين مردود من الله. لماذا؟ لأن الشهادة تعني أن يواطئ اللسان القلب ويوافقه. وقولهم: شهادة لا توافق قلوبهم وتعنى كذبهم.
إذن، فالتكذيب هو لشهادتهم، فلو قالوا:{إِنَّكَ لَرَسُولُ الله} دون «نشهد» لكان قولهم: قضية «سليمة» . ولذلك كان تكذيب الله لشهادتهم، ومن هنا ندرك السر في قول الله:{والله يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} . إن الحق يؤكد الأمر المشهود به وهو بعث محمد رسولا من عند الحق، وبعد ذلك يأتي لنا الحق بشهادته إن المنافقين كاذبون في قولهم:«نشهد» . فالصدق أن تطابق النسبة الكلامية الواقع. والصدق - كما قلنا من قبل - حق، والحق لا يتعدد، وضربت من قبل المثل بأن الإنسان الذي نطلب منه