النوم، ولم يعرفوا - رغم ما قاموا به من تجارب - ما هو النوم. لكن هو ظاهرة موجودة وغالبة لا يقاومها أحد مهما أُوتِي من القوة، ومهما حاول السهر دون أنْ ينام، لا بُدَّ أن يغلبه النوم فينام، ولو على الحصى والقتاد، ينام وهو واقف وهو يحمل شيئاً لا بُدَّ أنْ ينام على أية حالة.
وفلسفة النوم، لا أن نعرف كيف ننام، إنما أن نعرف لماذا ننام؟ قالوا: لأن الإنسان مُكوَّن من طاقات وأجهزة لكل منها مهمة، فالعين للرؤية، والأذن للسمع. . الخ، فساعة تُجهد أجهزة الجسم تصل بك إلى مرحلة ليستْ قادرة عندها على العمل، فتحتاج أنت - بدون شعورك وبأمر غريزي - إلى أن يرتاح كأنها تقول لك كفى لم تَعُد صالحاً للعمل ولا للحركة فنم.
ومن عجيب أمر النوم أنه لا يأتي بالاستدعاء؛ لأنك قد تستدعي النوم بشتى الطرق فلا يطاوعك ولا تنام، فإنْ جاءك هو غلبك على أيِّ حال كنتَ، ورغم الضوضاء والأصوات المزعجة تنام. لذلك يقول الرجل العربي: النوم طيف إنْ طلبتَه أعْنَتك، وإنْ طلبك أراحك.
ولأهل المعرفة نظرة ومعنى كوني جميل في النوم، يقولون في قوله تعالى:{وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ... }[الإسراء: ٤٤] فكل ما في الوجود يُسبِّح حتى أبعاض الكافر وأعضاؤه مُسبحة، إنما إرادته هي الكافرة، وتظل هذه الأبعاض خاضعة لإرادة صاحبها إلى أنْ تنفكّ عن هذه الإرادة يوم القيامة، فتشهد عليه بما كان منه، وبما أجبرها عليه من معصية الله.
وسبق أنْ مثَّلْنَا لذلك بقائد الكتيبة حين يطيعه جنوده ولو في