الآية بأفلا تسمعون {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ النهار سَرْمَداً إلى يَوْمِ القيامة مَنْ إله غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفلاَ تُبْصِرُونَ}[القصص: ٧٢] .
قالوا: لأن النهار محلُّ الرؤية والبصر، أما الليل فلا بصرَ فيه، فيناسبه السمع، والأذن هي الوسيلة التي تؤدي مهمتها في الليل عندما لا تتوفر الرؤية.
وفي موضع آخر:{وَهُوَ الذي جَعَلَ اليل والنهار خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً}[الفرقان: ٦٢] فالليل يخلُف النهار، والنهار يخلُف الليل، هذا في الزمن العادي الذي نعيشه، أما في بدْء الخَلْق فأيهما كان أولاً، ثم خلفه الآخر؟
فإنْ قلت: إن الليل جاء أولاً، فالنهار بعده خِلْفة له، لكن الليل في هذه الحالة لا يكون خِلفة لشيء، والنص السابق يوضح أن كلاً منهما خِلْفة للآخر، إذن: فما حَلُّ هذا اللغز؟
مفتاح هذه المسألة يكمن في كروية الأرض، ولو أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أخبر في بداية البعثة بهذه الحقيقة لما صدَّقوه، كيف ونحن نرى مَنْ ينكر هذه الحقيقة حتى الآن.
والحق - سبحانه وتعالى - لا يترك قضية كونية كهذه دون أنْ يمسَّها ولو بلُطْف وخِفة، حتى إذا ارتقت العقول تنبهتْ إليها، فلو أن الأرض مسطوحة وخلقَ الله تعالى الشمس في مواجهة الأرض لاستطعنا أنْ نقول: إن النهار جاء أولاً، ثم عندما تغيب الشمس يأتي الليل، أما إنْ كانت البداية خلْق الأرض غير مواجهة للشمس، فالليل في هذه الحالة أولاً، ثم يعقبه النهار، هذا على اعتبار أن الأرض مسطوحة.
وما دام أن الخالق - عَزَّ وَجَلَّ - أخبر أن الليل والنهار كل منهما