«فعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنْه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن» .
هذا هو سمو الإيمان عند المؤمن، إن المؤمن لا يمكن أن يكذب أو يخالف مقتضيات عقيدته؛ لأن المؤمن في كل تصرفاته خاضع لإيمانه بأنه لا إله إلا الله.
ثم يقول الحق:{والقانتين} والقانت: هو العابد بخشوع وباطمئنان وباستدامة. والقانت صادق مع نفسه، لماذا؟ لأن الحق سبحانه وتعالى حين يكلف عباده تكليفا، فقد يكلفهم بشيء يعز على أفهامهم أن تدرك حكمته.
وأقبل القانتون من العباد على هذا التكليف؛ لأن الذي أمرهم به إله قادر، فهم يثقون في حكمته فأدُّوا الأمر الصادر إليهم لأنهم خاضعون لحكمة الله.
إنهم منفذون للأمر القادم من الآمر لا لعلة الأمر. وبعد أن يصنعوا ذلك؛ يريهم الله نورانية هذا الحكم بأن يعطيهم فرقانا في أنفسهم:{يِا أَيُّهَا الذين آمنوا إِن تَتَّقُواْ الله يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ والله ذُو الفضل العظيم}[الأنفال: ٢٩] .
فيقول المؤمن منهم لنفسه بعد أن يرى هذا الفرقان: إن الله قد أراد لي بهذا الأمر أن أدرك حلاوة طاعة هذا الأمر، لذلك قال أحد العارفين بالله:
إن كنت تريد أن تعلم عن الله حكما كلفك الله به دون أن تعلم علته فاتق الله فيه، وحين تتقي الله في هذا الأمر، فإنك تجد الحكمة مستنيرة في ذهنك، ولذلك يقول الله: