{خَتَمَ الله على قُلُوبِهمْ وعلى سَمْعِهِمْ وعلى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عظِيمٌ}[البقرة: ٧] .
لذلك نحذر الذين يصابون بمصيبة، ثم لا يَسْلُون، ولا ينسون، ويلازمون الحزن، نحذرهم ونقول لهم: لا تدعوا باب الحزن مفتوحاً، وأغلقوه بمسامير الرضا، وإلا تتابعتْ عليكم الأحزان؛ لأن الله تعالى رب يُعين عبده على ما يحب، حتى الساخط على قدره تعالى.
فالمعنى {فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ الله ... }[الروم: ٢٩] يعني: مَنْ ينقذه؟ ومَنْ يضع له قانون صيانته إنْ تخلَّى عنه ربه وتركه يفعل ما بدا له؟ لا أحد. وأنت إذا نصحتَ صاحبك وكررتَ له النصْح فلم يُطعْك تتخلى عنه، بل إن أحد الحكماء يقول: انصح صاحبك من الصبح إلى الظهر، ومن الظهر إلى العصر، فإنْ لم يطاوعك ضلّله - أو أكمل له بقية النهار غِشّاً.
وسبق أن تحدثنا عن الطريقة الصحيحة في بحث القضايا لتصل إلى الحكم الصائب فيها، فلا تدخل إلى العلم بهوى سابق، بل أخرج كل ما في قلبك يؤيد هذه القضية أو يعارضها، ثم ابحث القضية بموضوعية، فما تقتنع به الموازين العقلية وتُرجِّحه أدخله إلى قلبك.
والذي يُتعب الناس الآن أن نناقش قضية الإسلام مثلاً وفي القلب مَيْل للشيوعية مثلاً، فننتهي إلى نتيجة غير سليمة.
ثم يقول سبحانه:{وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ}[الروم: ٢٩] يعني: يا ليت لهم مَنْ ينقذهم إنْ أضلَّهم الله فختم على قلوبهم، فلا يدخلها إيمان، ولا يخرج منها كفر، فليس لهم من الله نصير ينصرهم، ولا مجير يجيرهم من الله، وهو سبحانه يجير ولا يُجَار عليه.