للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكدها واقع الأمم السابقة، وسيحدث معك مثل ذلك؛ لذلك يُطمئن الحق نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: {فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الذي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر: ٧٧] .

فهنا {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً ... } [الروم: ٣٠] أي: دعْكَ من هؤلاء الضالين، وتفرَّغ لمهمتك في الدعوة إلى الله، وإياك أنْ يشغلوك عن دعوتك.

ومعنى إقامة الوجه للدين يعني: اجعل وجهْتك لربك وحده، ولا تلتفت عنه يميناً ولا شمالاً، وذكر الوجه خاصة وهو يعني الذات كلها؛ لأن الوجه سِمة الإقبال.

ومنه قوله سبحانه: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ ... } [القصص: ٨٨] يعني: ذاته تعالى.

ومعنى {حَنِيفاً ... } [الروم: ٣٠] هذه الكلمة من الكلمات التي أثارت تذبذباً عند الذين يحاولون أنْ يستدركوا على كلام الله؛ لأن معنى الحنيف: مائل الساقين فترى في رِجلْه انحناء للداخل، يقال: في قدمه حنف أي ميل، فالمعنى: فأقم وجهك للدين مائلاً، نعم هكذا المعنى، لكن مائلاً عن أيِّ شيء؟

لا بُدَّ أن تفهم المعنى هنا، حتى لا تتهم أسلوب القرآن، فإن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جاء ليصلح مجتمعاً فاسداً منحرفاً يدين بالشرك والوثنية، فالمعنى: مائلاً عن هذا الفساد، ومائلاً عن هذا الشرك، وهذه الوثنية التي جئت لهدمها والقضاء عليها، ومعنى: مال عن الباطل. يعني: ذهب إلى الحق.

و (أَقِمْ) هنا بمعنى: أقيموا، لأن خطاب الرسول خطاب

<<  <  ج: ص:  >  >>