بالله، أيستطيع أحد أنْ يستردَّ ما أخذتْه منه الذبابة؟
ونلحظ في الآية تكرار (منْ) وهي للتبعيض: {هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَفْعَلُ مِن ذلكم مِّن شَيْءٍ ... }[الروم: ٤٠] والمعنى: لا يستطيع أحد من شركائكم أن يفعل شيئاً ولو هيِّناً من الخلق، أو الرزق، أو الإحياء، أو الإماتة.
لذلك يجب أنْ تُعلِّقوا على هذه القضايا من الله بقول واحد {سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الروم: ٤٠] لا تعليق إلا هذا.
لذلك لما تكلم سيدنا إبراهيم عن الأصنام قال:{فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ ... }[الشعراء: ٧٧] أي: أنتم وما تعبدون من دون الله؛ لأنهم كانوا يشركون آلهتهم مع الله، فالله سبحانه داخل في هذه الشركة؛ لذلك استثناه ربه {إِلاَّ رَبَّ العالمين الذي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء: ٧٧ - ٧٨] .
وتلحظ هنا في قوله {الذي خَلَقَنِي ... }[الشعراء: ٧٨] أنه لم يؤكدها بشيء، ولم يذكر قبل الخَلْق الضمير (هو) ؛ لأن مسألة الخَلْق كما قُلْنا لم يدَّعها أحد، أمّا في الهداية وهي مجال ادعاء، فقال (فهو) أي: الحق سبحانه يقصر الهداية على الله {فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء: ٧٨] .
وفي هذا إشارة إلى أن القانون الذي يُنظم حياتي والمنهج الذي يهديني قانون ربي لا آخذه من أحد سواه، وكثيراً ما نرى مَنْ يدَّعي الهداية ويقول: إنني وضعتُ قانوناً يُسعِد حياة الناس، ويفعل كذا