فكلمة {مِنَ الله ... }[الروم: ٤٣] تعطينا المعنيين، كما في قوله تعالى:{لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله. .}[الرعد: ١١] فكيف تحفظه المعقِّبات من أمر الله؟ قالوا: كونهم مُعقِّبات للحفظ أمر صادر من الله أصلاً، وبناءً على أمره تعالى بالحفظ.
وقوله:{يَوْمَئِذٍ ... }[الروم: ٤٣] يعني: في اليوم الذي لا مردَّ له من الله {يَصَّدَّعُونَ}[الروم: ٤٣] أي: هؤلاء الذين تكاتفوا على حربك وعلى عداوتك وإيذائك، وتعصَّبوا ضدك {يَصَّدَّعُونَ}[الروم: ٤٣] أي: ينشقُّون بعضهم على بعض، ويتفرقون، وقد وردت هذه المسألة في آيات كثيرة.
والتفريق إما إيمان وكفر أي: أشقياء وسعداء، وإما أن يكون التفريق في القوم الذين عاندوا واتبعوا أتباعهم على الشرك، فيتبرأ كل منهم من الآخر، كما قال سبحانه:{إِذْ تَبَرَّأَ الذين اتبعوا مِنَ الذين اتبعوا ... }[البقرة: ١٦٦] .
ثم قال الحق ليبين لنا ذلك التفريق في الآخرة بعلّته، وعِلَّته ما حدث في الدنيا، فالله تعالى لا يظلم أحداً، فقال بعد ذلك:{مَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ ... } .