أي: تُلقِّح النباتات فتأخذ من الذكَر، وتضع في الأنثى، فيحدث الإثمار، ومن عجيب هذه العملية أن ترى الذكر والأنثى في العود الواحد كما في نبات الذرة مثلاً، ففي (الشُّوشة) أعلى العود حبات اللقاح الذكر، وفي الشعيرات التي تخرج من الكوز متصلة بالحبات توجد أعضاء الأنوثة، ومع حركة الرياح تتناثر حبات اللقاح من أعلى وتنزل على هذه الشعيرات، فتجد الشعيرة التي لُقحت تنمو الحبة المتصلة بها، أما الأخرى التي لا يصلها اللقاح فتموت.
ولذلك نلحظ أن العيدان التي في مهبِّ الريح أو ناحية بحري أقلّ محصولاً من التي تليها، لماذا؟ لأن الرياح تحمل حبَّات لقاحها إلى العيدان الأخرى التي تليها، فيزداد محصولها.
فإذا كانت بعض النباتات نعرف فيها الذكر من الأنثى كالنخيل، والجميز مثلاً، فأين الذكر والأنثى في القمح، أو في الجوافة، أو في الموز.
ولما درسوا حبوب اللقاح هذه وجدوا أن كل حبة مهما صَغُرت فيها أهداب دقيقة مثل القطيفة تتناثر مع الرياح، ويحملها الهواء إلى أماكن بعيدة؛ لذلك ترى الجبال والصحراء تخضرّ بعد نزول المطر، فمَنْ بذر فيها هذه البذور؟ إنها الرياح اللواقح بقدرة الخالق عَزَّ وَجَلَّ.
ولنا وَقْفة عند قوله تعالى:{إِن يَشَأْ يُسْكِنِ الريح فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ على ظَهْرِهِ ... }[الشورى: ٣٣] أي: السفن التي تسير بقوة الرياح تظل راكدة على صفحة الماء لا يحركها شيء، فإنْ قُلْت: كيف نفهم هذا المعنى الآن مع تقدم العلم الذي سيَّر السفن بقوة البخار والديزل أو الكهرباء، واستغنى عن الرياح؟