فقال الصحابي: عزفتْ نفسي عن الدنيا، فاستوى عندي ذهبها، ومدرها، وكأني أنظر إلى أهل الجنة في الجنة يُنعَّمون، وإلى أهل النار في النار يُعذَّبون - يريد أن يقول لرسول الله: لقد أصبحتُ وكأني أرى ما أخبرتنا به - فقال له رسول الله:» عرفتَ فالزم «.
لكن، مَن هم الذين أوتوا العلم؟ هم الملائكة الذين عاصروا كل شيء، لأنهم لا يموتون، أو الأنبياء لأن الذي أرسلهم أخبره، أو المؤمنون لأنهم صدَّقوا الرسول فيما أخبر به.
وقال {أُوتُواْ العلم ... }[الروم: ٥٦] ولم يقل: علموا، كأن العلم ليس كَسْباً، إنما إيتاء من عَالِم منك يعطيك. فإنْ قُلتَ: أليس للعلماء دور في الاستدلال والنَظر في الأدلة؟ نقول: نعم، لكن مَنْ نصب لهم هذه الأدلة؟ إذن: فالعلم عطاء من الله.
ثم يقول سبحانه:{لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ الله إلى يَوْمِ البعث فهذا يَوْمُ البعث ... }[الروم: ٥٦] يعني: مسألة مرسومة ومنضبطة في اللوح المحفوظ إلى يوم البعث {فهذا يَوْمُ البعث ... }[الروم: ٥٦] الذي كنتم تكذبون به، أما الآن فلا بُدَّ أنْ تُصدِّقوا فقد جاءكم شيء لا تقدرون على تكذيبه؛ لأنه أصبح واقعاً ومن مصلحتكم أنْ يقبل عذركم، لكن لن يقبل منكم، ولن نسمع لكم كلاماً لأننا قدمنا الإعذار سابقاً.
وقوله تعالى:{ولكنكم كُنتمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[الروم: ٥٦] في أول