أنفسنا، فلما كانت بدر، ورأى ما رأى قال: صدق الله {سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر}[القمر: ٤٥]
وقوله تعالى:{إِنَّ وَعْدَ الله حَقٌّ ... }[الروم: ٦٠] الوعد: هو البشارة بخير لم يأت زمنه الآن، وفَرْق بين الوعد بالخير من إنسان، والوعد من الله تعالى، فوَعْدكَ قد يختلف لأنك ابن أغيار، ولا تملك كل عناصر الوفاء بالوعد، وربما جاء وقت الوفاء فلم تقدر عليه أو تتغير نفسك من ناحيته فتبخل عليه، أو تراه لا يستحق ... إلخ.
إذن: الأغيار التي تنتابك أو تنتابه أو تنتاب قيمة ما تؤديه من الخير موجودة، وقد تحول بينك وبين الوفاء بما وعدتَ.
لذلك يعلمنا الحق سبحانه أنْ نحتاط لهذا الأمر، فيقول سبحانه:{وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلك غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ الله ... }[الكهف: ٢٣ - ٢٤] فاربط فِعْلك بمشيئة الله التي تُيسِّر لك الفعل، ولا ينبغي أنْ تجزم بشيء أنتَ لا تملك شيئاً من أسبابه.
قلنا: هَبْ أنك قلتَ: سألقاك غداً في المكان الفلاني، وسأعطيك كذا وكذا، فأنت قلتَ هذه المقولة ووعدتَ هذا الوعد وأنت لا تضمن أن تعيش لغد، ولا تضمن أنْ يعيش صاحبك، وإنْ عِشْتُما لغد فقد يتغير رأيك، أو يصيبك شيء يعوقك عن الوفاء، إذَن: فقولك إنْ شاء الله يحميك أنْ تُوصف بالكذب في حالة عدم الوفاء؛ لأنك وعدتَ ولم يشأ الله، فلا دخلَ لك في الأمر.
فالوعد الحق يأتي ممَّنْ؟ مِنَ الذي يملك كُلَّ أسباب الوفاء، ولا يمنعه عنه مانع.
وقوله تعالى:{وَلاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الذين لاَ يُوقِنُونَ}[الروم: ٦٠] خف الشيء: لم يَعُدْ له ثِقَل، واستخفّ غيره: طلب منه أنْ يكون خفيفاً،