عمداً، لكن الحقيقة أن لها عمداً لا ترونها بإحساسكم ومقاييسكم.
فإنْ قلت، فما هذه العمد التي لا نراها؟ البعض يقول: هي الجاذبية، وهذا القول مجانب للصواب، والحق سبحانه يكفينا مؤنة البحث في هذه المسألة، فيقول سبحانه:{ ... وَيُمْسِكُ السمآء أَن تَقَعَ عَلَى الأرض إِلاَّ بِإِذْنِهِ}[الحج: ٦٥]
إذن: لا نملك إلا أنْ نقول إنها ممسوكة بقدرة الله، ولكي لا نحار في كيفية ذلك يُقرِّب الله لنا هذه المسألة بمثال مُشاهد لنا، فالطير يمسكه الله في جو السماء:
{أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطير مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السمآء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ الله ... }[النحل: ٧٩]
وفي موضوع آخر يقول الحق سبحانه:{إِنَّ الله يُمْسِكُ السماوات والأرض أَن تَزُولاَ}[فاطر: ٤١] إذن: فهو سبحانه يمسكها بقانون، لكن لا نعرفه نحن ولا ندركه.
والسماء في اللغة: كل مَا علاك فأظلّك، فالغيم الذي يعلوك وتراه قريباً منك يُعد من السماء بدليل قول الله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ السمآء مَآءً}[لقمان: ١٠] والماء ينزل من الغيم، لا من السماوات العلا، والفرق بينهما أن الغيم تراه في مكان دون آخر، وتراه مُتقطعاً منفطراً، أمَّا السماء العليا فهي بشكل واحد، لا ترى فيها من فطور.
وحين تكلم الحق سبحانه عن الأرض والسماء قال: إنها سبع سماوات، ولم يقُلْ سبع أراضين، بل {وَمِنَ الأرض مِثْلَهُنَّ}[الطلاق: ١٢] فدلَّ على أن الأرض سبع كالسماء، وإنْ كانت السماء كل ما أظلّك، فالأرض كل ما أقلَّك، لكن أين هذه الأرَضين السبع؟
لقد أخبرنا القرآن الكريم أن السماوات سبع، وأخبرنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه مرَّ بها في مرحلة المعراج فقال في الأولى كذا وكذا، وفي الثانية كذا وكذا، وما دامتْ السماء كل ما أظلك، والأرض كل ما أقلك فالخَلْق