وحركة الجبال ليست ذاتية، إنما هي تابعة لحركة الأرض، والحق سبحانه شبَّه حركة الجبال بحركة السحاب، والسحاب حركته غير ذاتية، إنما هي تابعة لحركة الرياح.
ثم يذكر الحق سبحانه علة أخرى لخَلْق الجبال:{وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ}[لقمان: ١٠] وسبق أنْ أوضحنا أن الجبال تمثل مخازن للقوت الذي به قوام الحياة للإنسان وللحيوان والذي ينشأ من الزرع، وبيَّنا أن الطبقة الخارجية للجبال تتفتتْ بعوامل التعرية، ثم يحملها ماء المطر إلى الوديان فتزيد من خصوبة الأرض بمقدار كل عام، ومن الجبال أيضاً يتكون الماء في الأنهار او في مسارب الأرض فنخرجه حين الحاجة إليه.
ومن حكمته تعالى أنْ جعل الجبال راسية ثابتة، وجعلها صلدة وإلا لو كانت هشّة لأذابتها الأمطار وفتتها في عدة سنوات، ثم حرمت الأرض من الخصوبة التي تستمدها من الجبال؛ لذلك يقول الله تعالى:{وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ}[الحجر: ٢١] فمع زيادة السكان تزداد المساحة الخِصْبة التي يُكوِّنها الغِرْين الذي يتفتت من الجبال عاماً بعد عام.