للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا دليل على علم إبليس وعلى ذكائه، ونلحظ هذا أيضاً في قوله: {لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: ٨٢ - ٨٣] كأنه يقول لربه: أنا لا أقترب من عبادك الذين هم في حضانتك، وفي معيتك.

والتغفيل الأكبر في إبليس أنه مع علمه بمقام ربه يتمرد على أمره، حين يأمره بالسجود فلا يسجد.

إذن: نبَّه الله تعالى آدم وحذره من كيْد إبليس، وكان عليه أنْ يحذر وألاَّ تدخل عليه حيلة الأكل من الشجرة إلا أنه في غفلة منه عن أمر ربه أكل من الشجرة، فلما خالف الأمر اختلفتْ طبيعته، وبدَتْ له ولزوجه السَّوْءة، وكانت المرة الأولى التي يشعر فيها آدم بعورته عند خروج الغائط.

لكن، ما الفرق بين فتحة دخول الطعام (الفم) وفتحة خروجه؟ ولماذا أصبحت هذه عورة، وهذه غير عورة؟

قالوا: لأن آدم حال طاعته لأمر ربه في الأكل من ثمار الجنة كان يأكل بطهي ربه، وهو طهي بحكمة وبقدر معلوم، يكفي مقومات الحياة ولا يزيد عنها، لذلك لم يَبْق في بطن آدم فضلات، ولم توجد عنده غازات أو أرياح، فلم يشعر في هذه الحالة بحاجة إلى التغوط، فكانت الفتحتان متساويتين، هذه فتحة، وهذه فتحة.

فلما خالف آدم ربه وذاق الشجرة اختلفتْ الأغذية في بطنه، وحدث لها تفاعلات، ونتج عنها فضلات وأرياح، ولما أحسَّ بها آدم نفر منها وأصابه الخجل، وشعر أنها عورة ينبغي أنْ تُستر، فالطبع السليم لا بُدَّ أنْ ينفر منها؛ لذلك أخذ يزيل هذا الأذى عن نفسه،

<<  <  ج: ص:  >  >>