الصلاة، وجعل هذا التكليف مُوجهاً إلى الوالد أو ولي الأمر، فأنابه أن يكلف ولده بالصلاة، وأن يعاقبه إنْ أهمل في أدائها، ذلك ليربي عند ولده الدُّرْبة على الصلاة، بحيث يأتي سِنّ التكليف، وقد ألفَها الولد وتعوَّد عليها، فهي عبادة تحتاج في البداية إلى مران وأخذ وردَّ، وهذا أنسب للسنَّ المبكرة.
والوالد يُكلف ولده على اعتبار أنه الموجد الثاني له، والسبب المباشر في وجوده، وكأن الله تعالى يقول: أنا الموجد لكم جميعاً وقد وكَّلتُك في أنْ تكلِّف ولدك؛ لأن معروفك ظاهر عنده، وأياديك عليه كثيرة، فأنت القائم بمصالحه المُلَبِّي لرغباته، فإنْ أمرته قَبِل منك واطاعك، فهي طاعة بثمنها.
وطالما وكلتك في التكليف فطبيعي أنْ أُوكِّلك في العقوبة، فإنْ حدث تقصير في هذه المسألة فالمخالفة منك، لا من الولد؛ لأنني لم أُكلِّفه إنما كلَّفْتُك أنت.
لذلك بدأ لقمان أوامره لولده بإقامة الصلاة، لأنه مُكلَّف بهذا الأمر، فولده ما يزال صغيراً بدليل قوله {يابني. .}[لقمان: ١٧] فالتكليف هنا من الوالد، فإنْ كان الولد بالغاً حال هذا الأمر فالمعنى: لاحظ التكليف من الله بإقامة الصلاة.
أما الزكاة، وهي تكليف من الله أيضاً فلم يذكرها هنا - وهذه من حكمة لقمان ودقَّة تعبيره، وقد حكاها لنا القرآن الكريم لنأخذ منها مبادئ نعيش بها.
ثانياً: إنْ كلَّفه بالزكاة فقال: أقم الصلاة وآتِ الزكاة فقد أثبت لولده ملكية، ومعروف أن الولد لا ملكيةَ له في وجود والده، بدليل