منها، فذهبت إليه وقصَّتْ عليه هذه المسألة، فقال لها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:«» أعَصريتها يا أم مالك؟ «فقالت: نعم يا رسول الله، فأخبرها أن التجربة مع الله شكٌّ وأنها لو لم تعصرها ولم تظن هذا الظن لبقيتْ العُكَّة على حالها» ، وكما تعودت منها.
وتلحظ أن كلمة (أصابك) والمصيبة تدل على أنها واقعة بك ولن تنجو منها؛ لأنها قدر أرسل إليك بالفعل، وسيصيبك لا محالة، والمسألة مسألة وقت إلى أنْ يصلك هذا السهم الذي أُطِلق عليك، فإياك أنْ تقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فما سُمِّيت المصيبة بهذا الاسم إلا لأنها صائبتك لا تستطيع أنْ تفرَّ منها. كما يقولون عن الموت: تأكد أنك ستموت، وعمرك بمقدار أنْ يصلك سهم الموت.
وكلمة {مِنْ عَزْمِ الأمور}[لقمان: ١٧] نقول: فلان له عزم، ونسمع القرآن يقول:{فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله ... }[آل عمران: ١٥٩] العزم: الفرض المقطوع به، والذي لا مناص عنه، ومنه ما جاء في قول لقمان لما خيَّره ربه بين أن يكون رسولاً أو حكيماً، فاختار الراحة وترك الابتلاء، لكنه قال: يارب إنْ كانت عزمة منك فسمعاً وطاعة، يعني: أمراً مفروضاً ينبغي ألاَّ نحيد عنه.
والعزم يعني شحن كل طاقات النفس للفعل والقطع به، فالصلاة على الميت مثلاً لا تُسمَّى عزيمة؛ لأنها فرض كفاية إنْ فعلها البعض سقطتْ عن الباقين، على خلاف الصلاة التامة في السفر مثلاً حيث يعتبرها الإمام أبو حنيفة عزيمة لا رخصة، فإن أتممت الصلاة في