الثاني، لأن كفار قريش لم يدعوا أن عندهم دينا قد نزل من السماء، أما أهل الكتاب فهم يدعون أن عندهم دينا منزلا من السماء، وعندما يناطح الشرك دينا فهذا أمر معقول، أما أن يناطح أهل دين نزل من السماء رسولا جاء بدين خاتم من السماء فهذا أمر يستحق أن نتوقف عنده.
ومعنى {فَإنْ حَآجُّوكَ} أي أنهم يحاججون الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وتم إدغام الحرفين المتشابهين وهما حرفا «الجيم» حتى لا تصبح ثقيلة على اللسان. ومعنى المحاجة: أن يدلي كل واحد من الخصمين بحجته. وهذا يعني النقاش، وما دام هناك نقاش بين حق وبين باطل، فإن الله لا يترك الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، بل يقول له:{فَإنْ حَآجُّوكَ} أي إن ناقشوك في أمر الإسلام الذي جئت به كدين خاتم مناقض لوثنية أو شرك قريش ومناقض لما قام أهل الكتاب بتغييره من مراد الله فقل يا محمد: {أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ} وقد قلنا من قبل: إننا عندما نسمع قول الحق {فَقُلْ} كان من الجائز أن يكتفي رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بمقول القول وضربنا مثلا على ذلك، حين يقول الأب لابنه: اذهب إلى عمك وقل له: كذا وكذا. وساعة أن يذهب الابن إلى العم فيقول له: الأمر كذا، وكذا. إن الابن لا يقول لعمه: قل لعمك كذا وكذا. . لكن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قد حافظ على النص الذي جاءه من ربه لأن النص واضح. {فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للَّهِ} فهل هذا رد بالحجة؟ نعم هذا هو الرد، لأن أهل الكتاب وكفار قريش يأتي فيهم القول:{وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السماوات والأرض لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العزيز العليم}[الزخرف: ٩] .
ويأتي فيهم القول الحكيم:{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله فأنى يُؤْفَكُونَ}[الزخرف: ٨٧] .
والكون كما نعرف «مكان» و «مكين» فالمكان: هو السماء والأرض. والمكين وهو الإنسان. والمكان مخلوق لله، والمكين مخلوق لله. وكان من المنطق