فالمشي في الأرض مطلوب، لكن بهيئة خاصة تمشي مَشْياً سوياً معتدلاً، فعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - رأى رجلاً يسير متماوتاً فنهره، وقال: ما هذا التماوت يا هذا، وقد وهبك الله عافية، دَعْها لشيخوختك.
ورأى رجلاً يمشي مشية الشطار - يعني: قُطَّاع الطرق - فنهاه عن القفز أو الجري والإسراع في المشي.
إذن: المطلوب في المشي هيئة الاعتدال، لذلك سيأتي في قول لقمان:{واقصد فِي مَشْيِكَ ... }[لقمان: ١٩] يعني: لا تمشِ مشية المتهالك المتماوت، ولا تقفز قفز أهل الشر وقُطَّاع الطريق.
{إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}[لقمان: ١٨] المختال: هو الذي وجد له مزية عند الناس، والفخور الذي يجد مزية في نفسه، والله تعالى لا يحب هذا ولا ذاك؛ لأنه سبحانه يريد أنْ يحكم الناس بمبدأ المساواة ليعلم الناس أنه تعالى ربُّ الجميع، وهو سبحانه المتكبِّر وحده في الكون، وإذا كان الكبرياء لله وحده فهذا يحمينا أنْ يتكبِّر علينا غيره، على حدِّ قول الناظم:
والسُّجُود الذي تَجْتويه ... من أُلُوفِ السُّجُودِ فيه نَجَاةُ
فسجودنا جميعاً للإله الحق يحمينا أن نسجد لكل طاغية ولكل