عقيدة عنده، فالذي يُدلِّل عليها مَنْ لقنّها له إلى أنْ يكبر، ويستطيع هو أن يُدلِّل عليها.
والعلم أنواع، منها وأولها: العلم البدهي الذي نصل إليه بالبديهة دون بحث، فمثلاً حين نرى الإنسان يتنفس نعلم أنه حيٌّ بالبديهة، ونعلم أن الواحد نصف الاثنين، وأن السماء فوقنا، والأرض تحتنا. . الخ.
وإذا نظرتَ إلى معلومات الأرض كلها تجد أن أم هذه المعلومات البديهة. فعلم الهندسة مثلاً يقوم على نظريات تستخدم الأولى منها مقدمة لإثبات الثانية، والثانية مقدمة لإثبات الثالثة وهكذا.
فحين تعيد تسلسل النظريات الهندسية فإنك لا بُدَّ عائد إلى النظرية الأولى وهي بديهة تقول: إذا التقى مستقيم بآخر نتج عن هذا الالتقاء زاويتان قائمتان.
إذن: فأعقد النظريات لا بُدَّ أن تعود إلى أمر بدهي منثور في كون الله، المهم مَنْ يلتفت إليه، وقد قال الحق سبحانه وتعالى:{وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السماوات والأرض يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}[يوسف: ١٠٥]
فقوله تعالى:{وَمِنَ الناس مَن يُجَادِلُ فِي الله ... }[لقمان: ٢٠] أي: وجوداً وصفاتاً {بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ}[لقمان: ٢٠] يعني: أن الجدل يصحّ إنْ كان بعلم وهدى وكتاب منير، فإنْ كان بغير ذلك فلا يُعَدُّ جدلاً إنما مراء لا طائلَ من ورائه.
ومعنى الهدى: أي الاستدلال بشيء على آخر، كالعربي الذي ضَلَّ في الصحراء، فلما رأى على الرمال بَعْراً وأثراً لأقدام استأنس