إذن: لم يستثنه في العدد، وإلا لكان من حقِّه إذا ماتت واحدة من زوجاته أنْ يتزوج بأخرى، وإنْ مُتْن جميعاً يأتي بغيرهن.
ولك أن تقول: ولماذا جعل الله الاستثناء في المعدود لا في العدد؟ قالوا: لأن زوجات غير النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إذا طلَّقها زوجها لها أن تتزوج بغيره، لكن زوجات النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أمهات للمؤمنين ومحرمات عليهم، فإنْ طلَّق رسول الله إحدى زوجاته بقيت بلا زواج.
لذلك أُمِر رسول الله أنْ يمسك زوجاته التسع، شريطة ألاَّ يزيد عليهن، في حين يُباح لغيره أن يتزوج بأكثر من تسع، بشرط ألاَّ يبقى معه أكثر من أربع، وعليه، فهذا الحكم ضيَّق على رسول الله في هذه المسألة في حين وسَّع على أمته.
ونعلم أنَّ معظم زوجات النبي كُنَّ كبيرات في السِّن، وبعضهن كُنَّ لا إرْبة لهن في مسألة الرجل، لكنهن يحرصن على شرف الانتساب لرسول الله، وعلى شرف كَوْنهن أمهات المؤمنين؛ لذلك كانت الواحدة منهن تتنازل عن قَسمْها في البيتوتة لضرتها مكتفية بهذا الشرف.
إذن: التفريق بين العدد والمعدود خلَّصنا من إفك المستشرقين، ومن تحاملهم على رسول الله واتهامهم له بتعدد الزوجات، وأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ وسَّع على نفسه وضيَّق على أمته.
ومسألة العدد والمعدود هذه مسألة واسعة حيّرت حتى الدارسين للنحو، فلا إشكال في العدد واحد والعدد اثنان؛ لأننا نقول في المفرد المذكر: واحد والمؤنث: واحدة. وللمثنى المذكر: اثنان،