لكن النبيّ أسوة في السلوك، فلماذا القتل؟ إن النبي من هؤلاء يؤدي من العبادة ما يجعل القوم يتنبهون إلى أن السلوك الذي يفعله النبيّ لا يأتي وفق أهوائهم.
إن القوم الذين يقتلون النبيين هم القوم الذين لا يوافقون على أن يسلكوا السلوك الإسلامي الذي يعني إخضاع الجوارح، والحركة لمنطق الدين ولمنطق الإسلام، لماذا؟ لأن النبيّ وهو ملتزم بشرع الرسول السابق عليه، حينما يلتزم بدين الله بين جماعة من غير الملتزمين يكون سلوكه قد طعن غير الملتزمين.
إن وجود النبيّ الذي يتمسك بشرع الله، ويخضع جوارحه، وسلوكه لمنهج الله بين جماعة تدّعي أنها تدين الله، ولكنها لا تتمسك بمنهج الله تحملهم إلى أن يقولوا: لماذا يفعل النبي هذا السلوك القويم، ولماذا يخضع جوارحه لمنطق الإيمان، ونحن غير ملتزمين مثله؟ وهذا السؤال يثير الغيظ والحقد على النبيّ بين هذه الجماعة عير الملتزمة بدين الله، وإن أعْلنت في ظاهر الأمر التزامها بالدين.
إنهم يحقدون على النبيّ لأنه يرتفع بسلوكه المسلم، وهم لا يستطيعون أن يرتفعوا ليكونوا مثله.
إن النبيّ بسلوكه الخاضع لمنهج الله يكون أسوة واضحة جلية يظهر بها الفرق بين مجرد إعلان الإيمان بمنهج الله، وبين الالتزام السلوكي بمنهج الله، وتكون أسوة النبيّ مُحقرة لفعلهم. ولذلك حين نجد إنسانا ملتزما بدين الله ومنهجه، فإننا نجد غير الملتزم ينال الملتزم بالسخرية والاستهزاء، لماذا؟ لأن غير الملتزم يمتلئ بالغيظ والحقد على الملتزم القادر على إخضاع نفسه لمنهج الله، ويسأل غير الملتزم نفسه:
لماذا يكون هذا الإنسان قادرا على نفسه مخضعا لها لمنهج الله وأنا غير قادر على ذلك؟ إن غير الملتزم يحاول إزاحة الملتزم وإبعاده من أمامه. لماذا؟ لأن غير الملتزم يتضاءل في نظر نفسه ونظر الآخرين إذا ما قارن نفسه بالملتزم بمنهج الله، وعندما يقارن الآخرون بين سلوك الملتزم بمنهج الله وسلوك غير الملتزم بمنهج الله فهم لا يحترمون غير الملتزم فيشعر بالصغار النفسى أمام الملتزم وأمام الناس فيحاول غير الملتزم أن يزيح الملتزم وينحيه عن طريقه، إن غير الملتزمين بمنهج الله يسخرون ويتغامزون على الملتزمين بمنهج الله، كما يقول الحق سبحانه وتعالى: