إذن: فزمن الفعل يتناسب مع قوة الفاعل، وتذكرون أنه في الماضي كانت الشوارع تضاء بمصابيح الزيت، وكان لكل منطقة عامل يصعد إلى سلم إلى كل فانوس ليشعله، أما الآن فتستطيع أن تنير مدينة بأكملها بضغط زر واحد. إذن: كلما زادتْ القوة قلَّ الزمن.
فتعال إذن إلى مسألة البعث والإعادة بعد الموت: أهي بقوتك أنت لتحسبها بما يناسب قوتك وقدرتك؟ إنها بقوة الله عَزَّ وَجَلَّ، والله لا يعالج الأمور كما نفعل ولا يزاولها، إنما يفعل سبحانه بكُنْ. إذن: فالفعل بالنسبة لله تعالى لا يحتاج إلى زمن تُوزَّع فيه جزئيات الفعل على جزئيات الزمن.
ولمَ تستبعد هذا في حقَّ الله تعالى، وقد أعطاك ربك طرفاً منه رغم قدرتك المحدودة؟ ألستَ تجلس في مثل هذا المجلس فترانا جميعاً مرة واحدة في نظرة واحدة، كذلك تسمع الجميع دفعة واحدة؟ ألستَ تقوم بمجرد أن تريد أنْ تقوم، وتنفعل جوارحك لك بمجرد أنْ يخطر الفعل على بالك؟ أتفكر أنت في العضلات التي تحركتْ والإشارات التي تمتْ بداخلك لتقوم من مجلسك؟
وقد سبق أنْ أوضحنا هذه المسألة حين قارنَّا حركة الإنسان في سلاستها وطواعية الجوارح لمراد صاحبها بحركة الحفار مثلاً، فهو لا يؤدي حركة إلا بالضغط على زر خاص بها.
فإذا كنت أنت أيها العبد تنفعل لك جوارحك وأعضاؤك بمرادك في الأشياء، فهل تستبعد في حق الله أنْ يفعل بكلمة كُنْ؟ كيف وأنت ذاتك تفعل بدون أنْ تقولها؟ مجرد الإرادة منك تفعل ما تريد.
فإنْ قلتَ: كيف يفعل الحق سبحانه بكلمة كُنْ، وأنا أفعل بدون أنْ أقولها؟ نقول: نعم أنت تفعل بدون كُنْ؛ لأن الأشياء ليست