والحق سبحانه يوضح لنا هذه المسألة في قوله تعالى:{والضحى والليل إِذَا سجى}[الضحى: ١ - ٢] ويقول: {والليل إِذَا يغشى والنهار إِذَا تجلى}[الليل: ١ - ٢] ليبين لك أن لكل منهما مهمة في حركة حياتك، فالنهار للحركة، والليل للسكون، وعليك ألا تخلط بين هاتين المهمتين دون داع، وقد استثنينا من هذه القاعدة مَنْ تحتم عليهم طبيعة عملهم أنْ يعملوا بالليل ويرتاحوا بالنهار.
والخالق عَزَّ وَجَلَّ في حركة الليل والنهار أسراراً وعجائب ينبغي أن نتنبه إليها بمعطيات العلم، ومن حكمة الخالق سبحانه أنْ جعل لكل سر في الكون ميلاداً يولد فيه، ونثر أسرار كونه على خَلْقه ولم يُظهرها لجيل واحد، وإلا لو كشف القرآن كل أسراره للأمة الأمية التي عاصرتْ نزوله لانصرفتْ عن الدعوة الجديدة بتكذيب هذه القضايا التي لم تصدقها العقول حتى في العصر الحديث ورغم تقدم العلوم، فمثلاً لما قال العلماء بكروية الأرض ودورانها حول الشمس لم نصدق هذه الحقائق حتى جاءتنا الصور الفضائية التي تؤكد ذلك.
وقلنا: إن ميلاد سِرٍّ من أسرار الكون قد يصادف بحثاً من البشر، فيأتي السر ويظهر على أنه نتيجة لهذا البحث، وإلا أظهره الله للناس بالمصادفة رحمة بهم وتفضُّلاً عليهم؛ لذلك نجد أن معظم الاكتشافات جاءت صدفة، لم يَسْعَ إليها البشر، ولم يذهبوا إليها بمقدمات.
والقرآن الكريم حين يتحدث عن الليل والنهار يقول كلاماً عاماً يفهمه كل معاصر لمرحلة من مراحل التقدم العلمي:{وَجَعَلْنَا اليل والنهار آيَتَيْنِ ... }[الإسراء: ١٢]