لماذا؟ لأن النوم يخلو من الأحداث، فلا يشعر النائم فيه بالزمن، كما أنهم لما رأى بعضهم بعضاً بعد هذه الفترة رآه على حالته التي نام عليها لم يتأثر بمرور هذه المدة، ولم تتغير هيئته، فأقصى ما يمكن تصوُّره أن يقول: لبثنا يوماً أو بعض يوم.
وكذلك الحال في قصة العُزير الذي قال الله عنه:{أَوْ كالذي مَرَّ على قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ على عُرُوشِهَا قَالَ أنى يُحْيِي هذه الله بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ الله مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ... }[البقرة: ٢٥٩] ؛ لأن هذه هي أطول مدة يمكن أن ينامها الإنسان.
ثم أخبره ربه {بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ ... }[البقرة: ٢٥٩] ويريد الحق سبحانه أن يُدلِّل على صدق الرجل في قوله يوماً أو بعض يوم، وعلى صدقه تعالى في قوله مائة عام، فيقول سبحانه:{فانظر إلى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ... }[البقرة: ٢٥٩] أي: لم يتغير.
وهذا دليل على صِدْقه في يوم أو بعض يوم
{وانظر إلى حِمَارِكَ ... }[البقرة: ٢٥٩]
وهذا دل على صدق الحق - تبارك وتعالى - في قوله {مائَةَ عَامٍ ... }[البقرة: ٢٥٩] فكلا القولين صادق؛ لأن الله تعالى هو القابض الباسط، يقبض الزمن في حق قوم، ويبسطه في حق آخرين.
وهذه الآية جمعتْ خمسة أمور استأثر الله تعالى بعلمها:{إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة وَيُنَزِّلُ الغيث وَيَعْلَمُ مَا فِي الأرحام وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ. .}[لقمان: ٣٤]
فهل هذه هي كل الغيبيات في الكون؟ نقول: في الكون غيبيات