للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العباد على غير قاعدة.

فمنهم مَنْ يموت بعد دقائق من مولده، ومنهم مَنْ يعمر مئات السنين، كما أنه سبحانه لم يجعل للموت مقدمات من مرض أو غيره، فكم من مريض يُعافى، وصحيح يموت، كما يقولون: كيف مريضكم؟ قال: سليمنا مات، وصدق القائل:

فلا تَحْسَب السُّقْم كأْسَ الممات ... وإنْ كَان سُقْماً شَديد الأثَر

فرُبَّ عليل تَرَاهُ اسْتفَاق ... ورُبّ سِلَيم تَرَاه اسْتتر

كذلك الموت لا يرتبط بالسِّن:

كم بُودرت غادة كعَابٌ ... وغُودِرَتْ أمُّها العَجُوزُ

يجوُزُ أنْ تبطئ المنَايَا ... والخُلْدُ في الدَّهْرلا لا يَجُوزُ

إذن: أخفى الله القيامة وأخفى الموت؛ لنظل على ذُكْر له نتوقعه في كل لحظة، فنعمل له، ولنتوقع دائماً أننا سنلقى الله، فنعد للأمر عُدته؛ لأن مَنْ مات فقد قامت قيامته؛ لأنه انقطع عمله، ففي إبهام موعد القيامة وساعة الموت عَيْن البيان لكل منهما، فالإبهام أشاعه في كل وقت.

وقوله: {وَيُنَزِّلُ الغيث. .} [لقمان: ٣٤] وهذا أيضاً، ومع تقدُّم العلوم حاول البعض التنبؤ به بناء على حسابات دقيقة لسرعة الرياح ودرجة الحرارة. . إلخ، وربما صَحَّتْ حساباتهم، لكن فاتهم أن الله أقداراً في الكون تحدث ولا تدخل في حساباتهم، فكثيراً ما نُفَاجأ بتغيُّر درجة الحرارة أو اتجاه الريح، فتنقلب كل حساباتنا.

لذلك من عجائب الخَلْق أنك كلما اقتربتَ من الشمس وهي مصدر الحرارة تقِلُّ درجة الحرارة، وكلما ابتعدت عنها زادت درجة

<<  <  ج: ص:  >  >>