فالحق سبحانه {يُدَبِّرُ الأمر مِنَ السمآء إِلَى الأرض. .}[السجدة: ٥] ثم تعود إليه سبحانه النتائج {ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ. .}[السجدة: ٥] فالله سبحانه يرسل إلى الأرض، ثم يستقبل منها؛ لأن المدبِّرات أمراً من الملائكة لكل منهم عمله واختصاصه، وهذه المسألة نسميها في عالمنا عملية المتابعة عند البشر، فرئيس العمل يكلف مجموعة من موظفيه بالعمل، ثم لا يتركهم إنما يتابعهم ليستقيم العمل، بل ويحاسبهم كلاً بما يستحق.
والملائكة هي التي تعرج بالنتائج إليه سبحانه {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة: ٥] فالعود سيكون للملائكة، وخَطْو الملائكة ليس كخَطْوِك؛ لذلك الذي يعمله البشر في ألف سنة تعمله الملائكة في يوم.
ومثال ذلك ما قرأناه في قصة سليمان - عليه السلام - حين قال:{أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ}[النمل: ٣٨]
وهذا الطلب من سليمان - عليه السلام - كان على ملأ من الإنس والجن، لكن لم يتكلم بشريٌّ، ولم يتصدَّ أحد منهم لهذا العمل، إنما تصدّى له عفريت، وليس جِنِّياً عادياً، والعفريت جنى ماهر له قدراته الخاصة، وإلا ففي الجن أيضاً من هو (لبخة) لا يجيد مثل هذه المهام، كما في الإنسان تماماً.
قال العفريت:{أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ... }[النمل: ٣٩] وهذا يعني أنه سيتغرق وقتاً، ساعة أو ساعتين، أما الذي عنده علم من الكتاب فقال:{أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ... }[النمل: ٤٠]