بالجزء من التوراة الذي يحمل هذا النص. وجاء بعد ذلك جندي من جنود الله هو عبد الله بن سلام وكان يهوديا قد أسلم ليظهر به رغبة القوم في التزييف والتزوير.
وإسلام عبد الله بن سلام له قصة عجيبة، فبعد أن اختمر الإيمان في قلبه، جاء إلى رسول الله قائلا: لقد شرح الله صدري إلى الإسلام ونطق بكلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» ولكني أحب قبل أن أعلن إسلامي أن تحضر رؤساء اليهود لتسألهم رأيهم في شخصى، لأن اليهود «قوم بهت» فيهم افتراء وفيهم الكذب وفيهم التضليل، فلما سأل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ رؤساء اليهود عن رأيهم في عبد الله بن سلام قالوا: سيدنا وابن سيدنا وحبرنا. . إلخ. وأفاضوا في صفات المدح والإطراء والتقدير. فقال عبد الله بن سلام أمامهم: الآن أشهد ألا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فانقلب رؤساء اليهود، وقالوا في عبد الله بن سلام: عكس ما قالوه أولا، قالوا: إنه خبيثنا وابن خبيثنا. . إلخ.
لقد غيروا المديح إلى ذم. فقال عبد الله بن سلام: يا رسول الله أما قلت لك: إنهم قوم بهت؟ والله لقد أردت أن أعلمك برأيهم في قبل أن أسلم. ذلك هو عبد الله بن سلام الذي زحزح كف عبد الله بن صورية عن النص الذي فيه آية الرجم في التوراة، وفي ذلك جاء القول الحق:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الكتاب يُدْعَوْنَ إلى كِتَابِ الله لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يتولى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ} إنهم الذين أعرض فريق منهم عن قبول الحق.
ما سبب هذا الإعراض؟ أهو قضية عامة؟ أو أنّ سبب هذا الإعراض هو السلطة الزمنية التي أراد اليهود أن يتخذوها لأنفسهم؟ ومعنى السلطة الزمنية أن يجيء أشخاص فيأخذوا من قداسة الدين ما يفيض عليهم هم قداسة، ويستمتعوا بهذه القداسة ثم يستخدموها في غير قضية الدين، هذا هو معنى السلطة الزمنية. وقلنا سابقا: إن كل تحوير في منهج الله سببه البغي، والمفروض أن أهل الكتاب من أصحاب التوراة كانوا يستفتحون على العرب ويقولون: سيأتي نبي من العرب نتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم، فلما جاءهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بما عرفوه سابقا في كتبهم كفروا به، ولذلك يقول الحق سبحانه وتعالى في مثل هذه القضية موضحا موقفهم من قضية الإيمان العليا: