تثبت صدق الرسل في البلاغ عن ربه، ثم آيات الأحكام التي تحمل أقضية الحياة، والتي لا يمكن لبشر أنْ يستدرك عليها، والتي تحمل الحلَّ الشافي والدواء الناجع لكل داءات المجتمع.
وبعد ذلك تركت لهم تكذيب المكذِّبين أمام أعينهم، كما قال سبحانه:{وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ وباليل أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}[الصافات: ١٣٧ - ١٣٨]
فها هي آثار عاد وثمود وغيرهم ما تزال شاهدةً عليهم، بعضها فوق الأرض، ومعظمها مطمور تحت طبقات الثَّرى؛ لذلك نجد أن كل الآثار القديمة يجدونها في الحفريات تحت الأرض، ولم لا وقد كانت العاصفة تهبُّ الهبَّة الواحدة، فتبتلع القافلة بأكملها، فما بالك بهبَّات الرياح من أيام عاد حتى الآن. إذن: خذوا عبرة من مصير هؤلاء.
ومعنى {أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ. .}[السجدة: ٢٦] يهدي: أي: يدلُّ ويرشد ويُبيِّن ويُوضّح، والهداية لها عناصر ثلاثة: هاد ومهديٌّ والشيء المهْدَى إليه، ومادة:(هدى) تُستعمل في كتاب الله ثلاثة استعمالات:
الأول: أنْ يُذكر الهادي، وهو الله عَزَّ وَجَلَّ، والثاني: أن يُذكر المهديّ وهم الخَلْق، والثالث: وهو أنْ يُذكر المهدي إليه، وهي الغاية التي يريدها الله.
وهذا الفعل يأتي مرة متعدِّياً بنفسه، كما في سورة الفاتحة:{اهدنا الصراط المستقيم}[الفاتحة: ٦] أي: يا الله، فالله هو الهادي، ونحن المهديون، والغاية هي الصراط المستقيم.
ومرة يُعدَّى الفعل باللام، كما في {الحمد للَّهِ الذي هَدَانَا لهذا ... } [